أخر الاخبار

الشريك الأساسي لـ"الدعم السريع" في جرائمه

 


في صمت دولي مريب، تُكتب صفحة سوداء في تاريخ المجتمع الدولي، حيث تتحول الإنسانية إلى ضحية أولى ومباشرة، ويصبح التواطؤ صرحا لا يُرى، وإنما يستشعر في دفاتر التواقيع المتهالكة، وفي لحظات الخراب التي يشهدها المدنيون السودانيون.

إن الصمت الدولي ليس فراغا بلا معنى، بل هو شريك في الجريمة، رافق إرهابا منظما وممنهجا ارتكب بحق المدنيين، بواسطة مليشيا الدعم السريع، ومن يدير المشهد خلف الكواليس.

من دارفور إلى الجزيرة، ومن النيل الأزرق إلى كردفان، يجتر السودانيون يوميا صور الحرق، والهدم، والقتل، والتهجير، في حين تغيب العدالة، وتترنح الحقيقة في أروقة التغاضي والتجاهل، أو تختبئ خلف أبواب موصدة من قبل المجتمع الدولي.

كان تشكيل مليشيا الدعم السريع لـ«حكومة» في مناطق سيطرتها ليس مجرد إعلان رمزي عن السلطة، بل هو بنية عملية تشرعن اقتصادا غير قانوني وتنسف المسارات القضائية؛ هذا التكامل بين الإدارة الموازية والاقتصاد العنيف يغذي الجريمة المنظمة ويطيل أمد الانتهاكات، ويجعل أي مسار سلام أو عدالة أكثر تعقيدا وإلحاحا في آن واحد.

الفاشر.. حصار الموت واقتصاد العنف

تمثل الفاشر، عاصمة شمال دارفور، اليوم أحد أبرز تجسيدات الكارثة التي يمر بها السودان. فالمدينة تخضع لحصار خانق وممتد من قبل مليشيا الدعم السريع، مما يمنع وصول الإمدادات الإنسانية والغذائية والطبية إلى المدنيين المحاصرين، الذين يقدر عددهم في المنطقة الكبرى بأكثر من 1.5 مليون شخص، من بينهم مئات آلاف النازحين الذين لجؤوا إليها.

وقد أشارت تقارير ذات مصداقية إلى أن القصف العشوائي والممنهج تجاه عمق المدينة أدى إلى تزايد في عدد الضحايا المدنيين.

وفي انتهاك صارخ للقانون الإنساني الدولي، فقد وجهت ضربات إلى المستشفيات والمرافق الصحية في الفاشر ومدن أخرى في دارفور وكردفان، ما أدى إلى خروج غالبية تلك المنشآت عن الخدمة أو تدميرها بالكامل، ومعها غدا الجرحى والمرضى في عداد الموتى؛ إذ لا يجدون طبيبا أو دواء أو حتى حيزا لتلقي العلاج.

 


                                                              د. ياسر محجوب الحسين

 

تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-